لَحَظَآتُ الفِرِآق .. وقَسْوَتُهُآ عَلَىآ الْمُحِبِينْ

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

لَحَظَآتُ الفِرِآق .. وقَسْوَتُهُآ عَلَىآ الْمُحِبِينْ ..

وقتما تصطفي الدنيا فردًا في بقاع ما من الأرض .. إلا وتبدأ النظرات الأولى لرضيعٍ تفتحت عيناهـ على عالم آخر .. بعدما خرج بطلقات عنق الرحم لأمه .. الذي بقي فيه ما يزيد على التسعة أشهر .. فكان الرحم الذي قذف الرجل فيه صلبه في ترائب المرأة التي استقبلت آلآف الحيوانات .. فأوحى خالق الكون لتكون إحدى هذهـ الآلآف التي تدفقت ستصبح في غضون بضعة أشهر روحٌ إنسانية لها الأقدار التي وُضعت قبل مجيئه بخمسين ألف سنة .. ليبدأ في حياته رضيعًا يلقى نوازع الفرح من الجميع .. ولينطلق في سفوح هذهـ الحياة العالية .. وسهولها المنخفضة التي تعبّر دومًا عن حاله في حياة تارة تجلب الإرهاق .. وتارة تأتي بالسعادة التي لا تُضاهى .. ومرة تطعن في خاصرة صاحبها .. وكلها بحسب ما غُرس في ألباب الذين آمنوا .. شكرٌ وقت الجزاء .. وصبرٌ عند البلاء .. كل هذهـ المبعثرات التي أكدتها هذهـ الشجون البائسة تقودنا إلى حقيقة تأملاتها تدعو إلى جعل استنشاق الأوكسجين النقي .. هو الاستعداد الجيد لما هو قادم .. ففي خضّم هذهـ الروابط الطيبة .. والقلوب التي تجتمع على قلب رجلٌ واحد .. وفي ظلِ مناخٍ صافي شوائبه قد نُقحّت .. تكون الحياة النموذجية التي يهوي إليها البشر جميعًا .. تصبح حقيقة تتجلى .. وعلامة تبدو واقعية لحد كبير .. السعادة في طريق الإنسان .. هو التاج الذي ينتظرهـ للاحتواء .. يبدو لي أن ما تبديه الأيام من السعادة المهيمنة للفرد .. تجعل حلول وقت الانعزال عن وصلها .. خيال مُتعب .. وواقع مفجع .. استمرار في طرق الورد المفروشة بإتقان .. والحرير الناعم الذي يغمر هذهـ الحياة .. وهذهـ البحبوحة التي تجعل صاحبها في مظهر الرخاء .. ورغد العيش المستقيم .. بذخ عاطفي .. وروابط حميمية في داخل المحيط .. تقاسيم هذهـ التفاصيل تبعث على سرور قل أن يجاريه مثل هذا الشعور بالرضا عن هذهـ الحياة .. قد كان لنا في كنف القلوب المحبة أصداء متراكمة أظهرت عن قوة واتحاد لا يُجارى .. وأفرزت لنا الأيام معهم عن حب طاهر .. وقلب شغوف يحن بعضه على بعض .. وتضحيات تتضح وقت المصائب .. وحال الأزمات .. أن تكون الحياة بقربهم هي حالة متفردة في التميز .. وجوامع كاملة لمعنى الانشراح النفسي الذي يؤمل .. ورسم الابتسامة هي السمة التي تجمع .. ونظرة الامتنان والعطف هي سهام تتخطى الأفئدة لتنسل داخل سويداءها .. عندما يتم الحديث عن أولئكـ البشر المقربين لأنفسنا .. تصبح المواقف العديدة التي حفلت بكل الأنواع من الضحكـ الصاخب .. والتوتر المرهق .. والحزن الرخيم .. والسرور المنتشي .. والفرح العارم .. والعناق الحار .. واضحة بدون رتوش .. تدعونا للعودة إلى الخلف وأسر النفس مع هذا الماضي الذي يدعو جمال ذكرهـ إلى عبرة القلب الذي يتعدى نشيجه .. ليكون هو المتحدث عن تلكـ الأحداث وواصفًا لها .. أيًُ أحاسيس نابضة .. وكم هي المشاعر المتقدة التي لا يستهان فيها عندما تسرد هذهـ الذكريات الخارجة عن نطاق الحياة وتقلباتها .. بحق نحتاج في أحيان كثيرة .. بالذات حينما تكون المتاعب قد حلّت بالفرد منا .. أن تصبح الذكريات الخالدة مضخة تدب في النفس الانتعاشة للمواصلة في درب تتعرج فيه السبل .. ويتوقف فيه قطار السير للوصول إلى المبتغى .. ما كان من عبرات هي بالتأكيد مسير إلى حلول وقت الأجل .. الفراق الكبير الذي يحين مع الأحبة .. هو خفقات في القلب تنبض .. ودموع في العين تهطل .. الفراق يستحيل عندما تأتلف القلوب وتتآخـــى .. والوصل فيه باقٍ إلى الأبد .. الوداع هي نظرة تتحجر في مقلتها الدمع .. ويعتلي حينها الرمش غمرة الماء المالحة .. كم هي الأيـــــــام تصدح بأن من كان للخير سابق .. وللإيجابية مبادر .. وللبصمة الطيبة تاركًا أثرهـ .. حتمًا سيبقى الابتعاد عنه قدرًا لا يُحبذُ الحديث عنه .. وحقيقة مغادرته غير قابلة للاعتراف .. الوداع ساعة في ثناياها لحظات كأنما الزمن حيالها قد شُلت أركانه وتوقف عن سلكـ دربه الذي لا يحيد عنه شي .. ( الودآع آخر حروف(ن) في خفوقي شلتها .. يا تموت بوسط قلبي أو أموت ان قلتها .. ياللي حبكـ في حياتي كان حلم(ن) وانتهىآ ) بهذهـ الكلمات التي ترى فيها كل معاني الحسرات على الفراق .. بدموع لا ترقص على المقلة من الأسى .. بقبلاتٍ ساخنة .. وأعناق تشرئب لاستنشاق عبق عطرِ المفارق .. هذهـ اللحظات الدامعة هي التي تبين كم هي الدنيا لها حدود ونهايات .. بدايات لها خطوط .. وآجال لها مستقر .. كم أفرحت وأفضت لدمع الفرح أن يطلق له العنان .. وكم أحزنت وجعلت من أرطال البكاء المستكن أن يجثو على نفسه .. كم كانت الصدف الجميلة هي المنطلق الأروع لبداية تلكـ العلاقات التي آلت للانتهاء .. وكم غض صاحبها الطرف عن الزلات وبعضٍ من اللمم .. كم كانت نواصي الصبر على الابتلاءات .. واحتساب تعرج المنطلقات .. لأجل ما لدى الباري هو الصراط الذي يُتبع أثرهـ الباقي للحياة الأخرى .. كل تلكـ الأحداث تطفو على السطح في لحظات العناق الأخير .. والوداع الذي يتركـ الأثر العميق .. بذكراهـ التي لا تُنسى .. بحق كل ما هو كائن يستحق الوداع .. ليسوا فقط الأحبة .. بل حتى البيت بأدق تفاصيله .. المسجد بروحانيته .. مكان العمل بحركته التي لا تتوقف .. قارعة الطريق التي تغدو معه غدوة وعشيًا .. مطرح شراء الغذاء وصاحبه الذي أضحى مع الوقت لأمانته صديقٌ لأهل الدار .. مكان المتنفس والترفيه .. بأصحابه الشرفاء .. كل تفاصيل الموطن الجميل .. والمدينة الفاضلة .. تبدو كالحة في الأيام الأخيرة .. لاقتراب الإقلاع الكامل لحبيب لها سطر على بساطها أجمل النغمات .. وأستنشق في أريجها الفوّاح أجمل النسمات .. في لحظة تهيم فيها الوجوهـ وتبكي .. أتت ساعة الحقيقة لتكشف عن العد التنازلي لفراق لرؤية الأثر الذي يتطلب كثيرًا من الوقت للاندمال .. وعديد الساعات والأيام .. ليصبح التأقلم هو السائد على الأحبة جراء فراق خليلهم .. لوهلات خاطفة .. ولبرهات تستجدي بعطف .. تنطلق طائرة يُنظر لها بشرر وكأنها في تلكـ الدقيقة الصامتة هي مفرقة الجماعة .. ومشتتة حميميتهم التي بترها هذا الحق الحاضر بوجود معنوي هو المهيمن في آنها .. الابتعاد عن درب الأحبة هو قدر قد يعتلي الأشخاص ليجعل من الزمن قد فرق فيهم الأجساد .. مع حضور القلوب والألباب في قرب مترابط .. النظرة الأخيرة .. والبسمة الوداعية .. هي المفترق التي يبدأ معها المفارق حياة جديد مردها .. أمل بتشكيل ثلة من الأحبة المقربين في النطاق الذي سيقطن فيه .. مع أمنيات بأن تكون للأرض الوطن مواعيد أخرى .. بأفضل حالٍ يؤمل .. وأبهى حله تسرهـ ومن معه من الناظرين ..

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]