كيف ذلك، لم أفهم ؟
عندما
يذكرون خالد بالسوء أمامي، ويذهبون في تعليقاتهم عليه إلى الدناءة، وهم
يصفون هندامه وطريقة جلوسه وحديثه، فإنهم لم يتركوا لي مجالا للتعامل معهم
برغم أنهم كانوا يفعلون ذلك من باب مدحي، كما أنهم يبالغون في شروطهم
كثيرا إلى درجة أنك تفقد كل خصائص حياتك الخصوصية·
مثل ماذا؟
مثل
التفرغ لهم كلية، والبقاء قريبا من هاتفك النقال حتى تجيبهم في كل لحظة
أرادوك فيها· وقد كانت حادثة الهاتف هذه هي النقطة التي أفاضت الكأس وعجلت
بالطلاق بيننا· إذ جاءني مرة المدير الفني للدار متذمرا من موقفي الرافض
لرفع سماعتي· وقال لي: اسمع بلال إما أن تضع في متناولنا رقما آخر خاصا
بنا، أو تجيبنا بمجرد أن نتصل بك، وإما أن نبحث عن حل ثالث، فأجبته قائلا:
أنا وجدت الحل الذي تتحدث عنه، فقال لي وماهو ؟ قلت له لنفسخ العقد· وهو
ما حدث· وأنا أدري في نهاية المطاف بأن باب النجاح هذا هو من صنع القدر
وفقط· أما هذه الدور فهي مجرد محطات عابرة·
لكن تصرفك هذا لا يمت للاحترافية بشيء ؟
نعم
أنا أدري ذلك، لكني مقتنع بطريقة تفكيري، هم ألفوا الانبطاح ويريدون أن
يوهمونا بأنهم صناع نجوم· وعلينا الانصياع لكل أوامرهم·· فتخيل مثلا أننا
اتفقنا على وضع كلماتي مكتوبة على غلاف الألبوم، فراحوا يقومون بترجمات
مخيبة· وهو ما رفضته· كما أنهم رفضوا فكرة توظيفي للقارقابو في إحدى
الأغاني التي أردتها أن تأخذ حلة فناوية· وبمقابل ذلك أرادوني أن أمزج
شيئا من الجاز والفانك، وأنا رفضت، وهو اختيار فني مني·· تخيل مثلا، أن
أغنية ''عيشة'' لخالد يصنفونها في درج الراي، حتى أنهم يذهبون في بعض
الأحيان إلى تصنيف أغاني عبد الحليم في هذا النوع· وهو ليس جهل منهم بقدر
ما هو استهزاء واستخفاف بنا· يريدون أن نكون في خانة مهملة وينكرون
تاريخنا، وساعدهم في ذلك مسؤولونا الذين لم يفعلوا شيئا، وأقولها بصريح
العبارة، هم يرفضون كل من يقوم بتقديم نقد للنظام الفرنسي، ويكرهون اللسان
الصريح· وقد ألفوا المسايرة منا، فقد مرّ قبلي اثنان فقط·
هل مازال بلال يقوم بتسجيل أغانيه في فرنسا، ويبعث بها إلى الجزائر حتى تركب عليها الموسيقى؟
نعم، هي طريقة عملي·
وهل ترى بأن ذلك من الاحترافية ؟
نعم
أنا أعي ما أقوم به، لكن يجب أن تعلم بأن البيئة التي نعيشها في الجزائر
تحتم علينا ذلك؛ فبلال لا يفقه فعل شيء آخر غير الغناء· كما يجب أن أعترف
بأن ما نقوم به هو في الغالب يميل إلى التجارة أكثر من الفن· ولا تنس بأن
حتى الجمهور يحتم عليك الدخول في هذه اللعبة· فخذ مثلا بعض الأسماء على
غرار أحمد وهبي؛ فالكل سيقول لك بأنه من المشايخ الكبار، وأنا أحد هؤلاء·
لكنك لو أردت التحقّق من شعبيته ومن انتشاره وذهبت للتو إلى السيارات
وطلبت منهم فتح علبتها لما عثرت على شريط واحد للمرحوم بداخلها· فصناعة
النجم لا تتوقف عند القول بأن هذا كبير وفنان وكفى··· لا يجب أن أن يساير
ذلك حضور مكثف وقوي لإنتاجه· وهو ما نفتقده في بلادنا، للأسف الشديد